فورين بوليسى ترصد الكتاب الأسود للعثمانيين مع الأقليات ضغوط الأتراك جمدت الانتخابات الكنسية رغم مرض البابا منذ 2008 وتدخلات الأمن أثارت الانقسامات
مجازر تاريخية وانتهاكات مستمرة بهذه العبارة يمكن وصف العلاقة بين تركيا والأرمن فمنذ عمليات الإبادة الجماعية التى وقعت خلال الفترة ما بين 1915 وحتى 1923 والتى راح ضحيتها مليون ونصف المليون شخص، لم تتوقف الانتهاكات لتواصل الأقلية الأرمنية وكنيستها فى تركيا دفع الثمن لجرائم العثمانيين الجدد والدكتاتور التركى رجب طيب أردوغان
الضغوط التى تعرضت لها الكنيسة الأرمنية فى تركيا تحدثت عنها مجلة فورين بوليسي فى تقرير لها مشيرة إلى أن الكنيسة تم إرغامه على عدم اجراء انتخابات رغم مرض البابا منذ عام 2008 وعدم قدرته على ممارسة مهامه ليستمر الوضع كما هو عليه لحين وفاة البطريرك الأرمنى فى مارس الماضى ليتم اجراء الانتخابات ولكن بعد تعديلات حملت تدخلاً سافراً فى شئون الكنيسة
وقالت فورين بوليسي فى تقريرها إنه منذ موافقة الكونجرس الأمريكى على قرار بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن واحياء ذكرى مقتل ما يقدر بنحو مليون ونصف المليون أرمنى على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الفترة من عام 1915 الى 1923 لم يتبدل الأمر داخل تركيا بل واصل النظام التركى تجاوزاته
وبحسب التقرير جاءت الانتخابات الباباوية متأخرة 11 عامًا وشهدت تدخلاً قاسيًا من الحكومة التركية التي أثارت غضبها على نحو متزايد من القائمة المتزايدة للدول التي تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن وفي اليوم السابق لقرار الكونجرس
وأشارت فورين بوليسي فى تقريرها إلى أن بطريركية الأرمن في إسطنبول تمتعت بالحكم الذاتي النسبي في ظل النظام العثماني حيث وفرت الكنيسة القيادة الروحية والمدنية لأعضائها إلى أن أدخل قانون عثماني في عام 1863 المشاركة العلمانية في شؤون الكنيسة وكان مرسوم الحكومة التركية لعام 1951 الذي يحكم الانتخابات الباباوية يقدم مبادئ توجيهية غامضة بشأن كيفية انتخاب المندوبين الذين اختارهم أعضاء عاديون والمجلس الروحاني للبطريرك
وبحسب التقرير توفي البطريرك الأرمني السابق لتركيا في مارس 2019 لكنه لم يكن قادرًا على أداء واجبات القيادة منذ عام 2008 بسبب امراض الشيخوخة مما دفع جماعة أرمينية بالتقدم بالتماس الى وزارة الداخلية التركية في يناير 2010 لانتخاب بطريرك جديد
وجاء رد الحكومة بعد ستة أشهر بأنه لا يوجد أساس قانوني للانتخابات لأن البطريرك الحالي لا يزال حياً ودعا بدلاً من ذلك إلى إنشاء منصب نائب البطريرك العام مستفيدًا من الانقسامات داخل المجتمع الأرمني لإدراج نفسها بحزم في شؤون الكنيسة وتولى رئيس الأساقفة آرام أتيسيان الذي اعتبرته الحكومة التركية أكثر تقبلا لسياساتها هذا الدور
وانتخب المجلس الروحاني رئيس الأساقفة كاركين بكجيان مدير مؤقت مسؤول عن إجراء انتخاب بطريرك جديد وفي خلال دقائق أصدر اتيسيان مذكرة من حاكم اسطنبول تعارض الانتخابات لأنها قد تسبب اضطرابات وانقسامات في المجتمع وبعدها أخطرت الحكومة التركية البطريركية بأن السلطات التركية لم تعترف بكجيان وما زال ينظر إلى أتيسيان كنائب عام
وقالت فورين بوليسي إن المكانة القانونية غير المؤكدة للكنيسة الرسولية تؤدي إلى تفاقم مشاكل الجالية الأرمنية وتسهيل قدرة الحكومة التركية على التدخل في شؤونها واستغلال الانقسامات
يذكر أن معاهدة لوزان الموقعة قبل تأسيس الجمهورية التركية في عام 1923 ضمنت الحقوق المتساوية لأرمن البلاد والأقليات الأخرى غير المسلمة ولكن دون وضع قانوني وعاملت الحكومات التركية الاقليات الدينية في البلاد بتعسف ومنعت هيئاتها الدينية من الحصول على وضع قانوني وهو ما انتقدته لجنة الحريات الدينية الدولية في الولايات المتحدة باستمرار في تقاريرها السنوية
كما منعت الحكومة التركية مؤسسات الأقليات منذ عام 2013 من انتخاب أعضاء مجلس إدارة جدد مما أضعف المؤسسات الحيوية لإدارة الشؤون اليومية في غياب الوضع القانوني للمجتمعات الدينية نفسها وعلى مر السنين أتقن رجب طيب أردوغان فن التأرجح بين معاملة كبش فداء والمعاملة الخيرية للأقليات كجزء من استراتيجيته المتمثلة في استخدام الأقليات لتعزيز سياساته في الداخل والخارج
واضطرت أنقرة إلى السماح بإجراء الانتخابات بعد وفاة البطريرك الارمني السابق في مارس الماضي ولكنها أدخلت لائحة في اللحظة الأخيرة جعلت العديد من المرشحين غير مؤهلين على أساس أنهم خدموا في الخارج مما حصر قائمة المرشحين إلى اثنين مما دفع العديد الى مقاطعة الانتخابات من ضمنهم جارو بايلان أحد المشرعين الأرمن في تركيا
ومثل العديد من الأقليات الدينية الأخرى كانوا يأملون في السنوات الأولى من قيادة أردوغان لأنه وعد بفتح نظام علماني لتركيا من خلال التسامح المستوحى من العهد العثماني
وعلى الرغم من اعتماد أردوغان المتزايد على القوميين المتطرفين في تركيا من أجل بقائه السياسي منذ عام 2015 إلا أنه لم يستغني عن تواصله مع الارمن في يوم رحيل البطريرك السابق قام بالتغريد باللغة الأرمنية الغربية ينعيه وقدم التعازي للأرمن
وبعد ستة أسابيع فقط في 24 أبريل اظهر أردوغان وجهه السيء حيث صرح علنًا أن السياسة العثمانية لعام 1915 المتمثلة في نقل العصابات الأرمينية وأنصارها كانت أكثر الإجراءات منطقية
ووفقا للتقرير فإن علاقات تركيا بالأرمن في الداخل والخارج تمس قضايا عميقة الجذور وهي الشرعية والهوية الوطنية وسيتطلب حل هذه القضايا وصولًا حقيقيًا للأرمن على الصعيدين الحكومي والمجتمعي ومع ذلك ستكون هناك خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح هي الاعتراف بالوضع القانوني للأرمن وكذلك لليونانيين واليهود والأقليات الدينية الأخرى في تركيا - والسماح لهذه المجتمعات بانتخاب قادة حسب ما يرونه مناسباً


No comments:
Post a Comment