كفاءات مغربية تنتظر طول مواعيد التأشيرة يؤجل حلم الهجرة
تلهم ألمانيا الآلاف من المغاربة للهجرة إليها لكن التحديات كثيرة وليست اللغة الصعبة أهمها بل الاستعداد لانتظار طويل لموعد التأشيرة
فكيف تواجه مغربية هذا التحدي ولماذا تستمر السفارة في تقديم مواعد جد متأخرة
لا يدرك الكثير من المغاربة من أصحاب الكفاءات الراغبين في الهجرة إلى ألمانيا قصد العمل أن أوّل عقبة تنتظرهم هي المواعيد المطوّلة التي تصل إلى عدة أشهر حتى يتمكنوا من وضع طلباتهم واجتياز مقابلات التأشيرة
فبعد أن يملأ المرشح للهجرة بياناته في موقع القنصلية يكتشف أن موعد المقابلة قد حُدد بعد سبعة أشهر على الأقل وطبعا لا يتوقف الانتظار هنا فعليه بعد المقابلة أن ينتظر عدة أسابيع حتى يتوصل بالقرار الخاص بتأشيرته
من غير المعقول أن يضطر طبيب في المغرب لعدة أشهر من أجل الحصول على موعد تقديم التأشيرة خصوصا أن ألمانيا تعاني من نقص كبير في الكوادر الطبية
يقول محمد مهداوي علوي، طبيب مغربي 27 سنة لمهاجر نيوز
ورغم أن ألمانيا أقرّت قانون هجرة جديد يتيح للأجانب أصحاب الكفاءات بدءاً من عام 2020 الحصول على إقامة لمدة ستة أشهر في البلاد قصد البحث عن فرصة عمل بعدما كانوا في السابق مطالبين بإيجاد هذه الفرصة قبل تقديم طلب الهجرة إلّا أن هذا القانون لم يؤثر كثيراً على المواعيد الطويلة في القنصليات بالنسبة للراغبين في الحصول على التأشيرة الوطنية الخاصة بالعمل
لا شيء سوى الانتظار
حصل محمد على الدكتوراه في الطب عام 2017 واشتغل في وحدة طبية بمطار مغربي قرّر في أواخر السنة السادسة في كلية الطب أن يتعلم اللغة الألمانية ألمانيا ليست قوة اقتصادية فقط فهي جد متطوّرة في المجال الطبي وتضاهي بريطانيا والولايات المتحدة لكن التحدي الأكبر كان تعلّم لغة صعبة كما يشهد بذلك العديد من الناس
المشكل يمسّ كذلك كفاءات أخرى خارج المجال الطبي الحسين 28 عامًا حاصل على ماجستير من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير إحدى أشهر مؤسسات التعليم العالي بالمغرب وعلى دبلوم في الصحافة من أكاديمية BBC حصل على عقد للعمل مع وكالة إعلامية في برلين ووضع طلب الحصول على موعد مقابلة التأشيرة يوم السابع من 2019 ولحد الآن لم يصل الموعد
تواصلت الوكالة مع الخارجية الألمانية لكن حتى هذا التواصل لم ينجح في تقريب الموعد يقول الحسين مشيراً إلى أنه يعيش حالة ترقب كبيرة إذ يتخوّف أن لا يكون للوكالة الإعلامية النفس الطويل لأجل انتظاره بل إن هذا التأخير الكبير يجعل مستقبله غير واضح فهو الآن يعمل مع شركة أخرى في المغرب ولا يملك أدنى فكرة عما سيحدث في الأشهر القادمة
نقل المعركة إلى الانترنت
نشر محمد عريضة خاصة بالأطباء على موقع أفاز موجهة إلى السفارة وقعها إلى حد الآن 66 شخصًا جاء فيها نحن مجموعة من الدكاترة الأطباء وأطباء الأسنان وضعنا أسماءنا في لائحة المواعيد الخاصة بالتأشيرة على موقع السفارة وقد قدمنا كذلك طلباً بالترخيص للعمل في ألمانيا
ويتابع نص العريضة بعضنا أدى مسبقاً مبلغ الامتحان الخاص باللغة الطبية يُجرى في ألمانيا وهم الآن معرّضون لخطر إضاعة مواعيد هذا الامتحان والبعض الآخر حصل مسبقًا على عقد للعمل أو للتدريب المتخصص لكن مع هذا التأخير تضيع منا عدة فرص
ويطلب هؤلاء الأطباء أن تمكنهم السفارة من لائحة خاصة بهم ما دام عددهم قليل بدل وضع ملفاتهم مع بقية ملفات الهجرة الوطنية تضمّ الراغبين في قضاء أكثر من ثلاثة أشهر في ألمانيا التي تشهد اكتظاظًا وقد توجه خمسة منهم برسالة إلى السفير الألماني في الرباط قصد طلب اجتماع معه للنظر في الموضوع
كما توجد مجموعات على فيسبوك تضم مختلف أصناف المرشحين للحصول على التأشيرة الوطنية ومنها مجموعات خاصة بتأشيرة العمل حيث يتبادل فيها المرشحون آخر أخبار المواعيد
لا يمكننا المفاضلة بين المرشحين
السفارة الألمانية بالرباط تواجه طلبًا كبيرًا على التأشيرات في كل الأصناف نحن واعون بهذا وقمنا بعدة إجراءات ومن ذلك تعديلات تنظيمية لأجل تقليص وقت الانتظار مستقبلا ترّد الخارجية الألمانية في تصريحات لمهاجر نيوز
وتتحدث الخارجية عن أنها تفحص إمكانية تقوية مواردها البشرية في السفارة لكن مبدئيًا لا يمكن زيادة عدد الموظفين ولا المكاتب المتخصصة في منح التأشيرات بوتيرة ومقدار يمكّنان من القدرة على استيعاب مثل هذه الزيادة السريعة في الطلب على التأشيرات
وردًا على إمكانية وضع لوائح خاصة ببعض المهن بدل دمجها مع الطلبات العام للتأشيرة الوطنية تقول الخارجية إن المعاملة التفضيلية لبعض المجموعات في تصنيف معيّن للتأشيرات غير ممكنة لأسباب تخصّ التعامل المتساوي
المغاربة ليسوا في الصدارة
وفق معطيات حصل عليها مهاجر نيوز من الخارجية الألمانية فإن عدد المغاربة الذين حصلوا على تأشيرة للعمل في ألمانيا عام 2018 يصل إلى 400 من أصل 3,282 تأشيرة أصدرتها السفارة للمغاربة خلال العام ذاته بزيادة قدرها 92 تأشيرة عن عام 2017 ومن المتوقع أن يرتفع عدد التأشيرات في الأعوام القادمة بعد تعديلات قانون الهجرة
وعند مقارنة المغرب ببلدان أخرى في القائمة يظهر رقم الحاصلين على تأشيرة العمل قليلًا إذ تتصدر دول البلقان القائمة وأولها صربيا بـ 10,153 ثم البوسنة والهرسك بـ7,829 ومقدونيا الشمالية بـ 5,940 وكوسوفو بـ5,296 وألبانيا بـ4,991
وحتى عند مقارنة المغرب ببلدان في شمال إفريقيا فمصر تتصدر تأشيرات العمل بـ778 متبوعة بتونس بـ584 علمًا أن الليبيين يقدمون طلباتهم كذلك في تونس ثم المغرب ثالثًا فالجزائر رابعةً بـ213 وأخيرا موريتانيا بتأشيرتين فقط
ويبقى أكبر صنف في التأشيرة الوطنية بالرباط هو لّم الشمل الذي بلغ 1844 بالنسبة لتجمع الزوجين أو الأطفال أو أفرادًا آخرين متبوعًا بعدد الحاصلين على التأشيرة لأجل الدراسة أو تعلّم اللغة بـ948
ألمانيا والحاجة إلى كوادر
يقول الطبيب محمد إن من مصلحة ألمانيا أن يتم تسريع مواعيد التأشيرات بما أن ذلك يصبّ في مصلحتها وسيتيح ضخ كوادر طبية فيها
حديث محمد ينطلق من حجم الخصاص في ألمانيا لأصحاب المهارات، إذ سبق لمحللين اقتصاديين ألمان أن أعربوا عن تخوفهم من نقص العمالة الماهرة في البلاد بسبب شيخوخة المجتمع الألماني واقترحوا أن تسمح برلين بدخول 500 ألف مهاجر سنويًا وكمثال على ذلك فألمانيا تفتقر حالياً إلى 5 آلاف طبيب وطبيبة حسب تقرير لموقع
غير أن هناك عقبات كبيرة أمام إنهاء هذا الخصاص ليس طول انتظار التأشيرات سوى واحد منها فهناك انتقادات كبيرة للبيروقراطية الألمانية وتعقيدات القوانين الألمانية بالنسبة لوافدين لم يعتادوا على حجم مماثل للإدارات في بلدانهم
وفي انتظار وصول موعد التأشيرة يُدرك الطبيب محمد أن هناك عقبات أخرى تنتظره في ألمانيا إن تمكن من الهجرة إليها أولها تعلم اللغة الطبية واجتياز امتحاناتها وكذا امتحانات مزاولة مهنة الطب في البلاد فضلاً عن تحديات شخصية تخصّ التأقلم مع الحياة في ألمانيا بكل اختلافاتها عن الحياة في المغرب



No comments:
Post a Comment